للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأيد والآد: القوة، والسوم: تحميل المشقة، والمزاد: القرب، الواحدة مزادة.

فيقول: أدركت الأمور ظنوني البعيدة، وكشفت المعاني العويصة، وقصرت عن أن تدرك كريما كابن العميد يربي على الكرام، ويزيد بفضائله على جميع الأنام، ولست مع ذلك أتعاطى في النطق رتبته، ولا أقوى على قوته، مع تقدمي في إدراك غوامضه، واشتهاري بالغوص على بدائعه.

ثم قال: وهو في كرمه ظالم لسؤاله، ومفرط على قصاده، يسومهم أن تتضمن أوعيتهم ما يهبه، وتستقل إبلهم بما يبذله لهم، هو في ذلك كمن يكلفهم تضمن البحر في الأوعية، والتحمل به في المزاد والأسقية.

غَمَرَتنِي فَوائِدٌ شَاَء فِيهَا ... أَنْ يَكونَ الكَلامُ مِمَّا أَفَادَهْ

ما سَمِعْنَا بِمَنْ أَحَبَّ العَطَايَا ... فَاشتَهَى أَن يَكونَ فيها فُؤادُهْ

يقول مشيرا إلى ابن العميد: غمرتني منه عطايا متتابعة، وفوائد مترادفة، أراد إفادتي فيها بغرائب الكلام، وإيثاري بنوادر البيان، مع أني رب هذه الصناعة، والمحتفل من هذه البضاعة.

ثم قال مشيرا إليه: ما سمعنا بمثل هذا الرئيس، من كريم أحب العطايا وألفها، وأفرط في شدة الشغف بها، حتى اشتهى أن يكون قلبه وما تضمنه من سعة الإحاطة، وأشتمل عليه من ثاقب الدراية، مما يهبه لمن يطرقه، ويتفضل به على من يقصده. يريد أن الممدوح أفاض عليه من علمه، كما أفاض عليه من جوده.

خَلَقَ اللهُ أَفصَحَ النَّاسِ طُرَّاً في ... مَكَانٍ أَعرَابُهُ أَكرَادُهْ

وَأَحَقَّ الغُيوثِ نَفْسَاً بِحَمدٍ ... في زَمانٍ كُلُّ النُّفوسِ جَرَادُهْ

مِثلَمَا أَحدَثَ النُبُوَّةَ في العالَمِ ... والبَعثَ حِينَ شَاعَ فَسَادُهْ

زَانَتِ اللَّيلَ غُرَّةُ القَمَرِ الطَّالعِ ... فيهِ، وَلَمْ يَشنهَا سَوَادُهْ

طراً: يريد جميعاً، والأعراب: أَهل البادية، والعرب: أصحاب الإبل وبيوت

<<  <  ج: ص:  >  >>