الرب: المالك، ورب كل شيء مالكه، والعباد: جمع عبد، والقياد. ما يقتاد به الرجل الشيء إلى نفسه، والمهر: معروف، والميدان: مجال الخيل.
فيقول: كثر تفكيري فيما أهديه إلى هذا الرئيس في نوروزه، ممتثلا لما فعله عبيد نعمته وأبناء دولته، وعلمت أن ما يلزمني من الإتحاف له بحسب ما شملني من السعادة به.
ثم قال: وتأملت ما عندي من المال، وما أملكه من الخيل، فرأيته الذي وهب ذلك وبذله، وقاده نحوي وأرسله، فلم يحصل إتحافي له بهبته، وأطرافي إياه بنعمته.
ثم قال: فبعثت بمهار أربعين؛ يشير إلى أبيات شعره، وما أهداه فيها من مدحه، كل مهر إذا أرسله منشده، وأبان عنه مورده، تمكن في الآذان، وجال في ميدان الإحسان.
فيقول مشيرا إلى بيوت شعره الأربعين التي قدم ذكرها: عدد عشته في تزيد من القوة، وتمكن من الصحة، يرى الجسم فيها لنفسه إرادة لا يراها فيما يستزيده من عمره، ويستقبله من دهره؛ يريد أن الأربعين أمد القوة، ومدة الشبيبة، وأن الإنسان بعدها منتقص في جسمه، منحط في جملة أمره؛ فلذلك ما تفاءل بالأربعين في عدة بيوت شعره، وأعتقد ذلك لممدوحه، فيما يقربه الله به من مقاصده، وييسره له من مواهبه.
ثم قال مخاطبا (أبن العميد)، ومشيرا إلى ما قدمه: فأرتبط ما قيدت فيك من هذه البيوت النادرة، وما أتحفتك به من هذه البدائع الشاردة، فأن قلبا نماها وأظهرها وهداها وسيرها، مربط تسبق الجياد غرائب فكره، وتتقدمها بدائع لفظه.