للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأحضرت مجمرة قد حشيت نرجسا وآسا، حتى خفيت نارها، فكان الدخان يخرج من خلالها، فقال أبو الطيب:

أَحَبُّ امرئٍ حَبَّتِ الأَنفُسُ ... وَأطيَبُ ما شَمَّهُ مَعطِسُ

وَنَشَرٌ مِنَ النَّدِّ لَكِنَّمَا ... مَجَاِرُهُ الآسُ والنَّرْجِسُ

وإنَّ القِيامَ الأُلى حَولَهُ ... لَتَحْسُدُ أَرجُلَها الأَرُؤسُ

النشر: الفوح، والند: ضرب من الطيب، والآس: الريحان، والنرجس: نوار معروف، والألى: بمعنى الذين، والعز الأقعس: التمكن الظاهر.

فيقول مشيرا إلى ابن العميد: هذا أحب من تخصه النفوس بحبها، وتعتمده الألسن بشكرها، وحذف هذا، وجعل أحب الذي هو خبر عنه دليلا عليه، والعرب تفعل ذلك، ثم أشار إلى ما كان بحضرته من الطيب، فقال: وأطيب ما سكنت الأنفس إلى ريحه، وشمت المعاطس تضوع فوحه، وحمل آخر الكلام من الحذف على ما حمل عليه أوله.

ثم قال على نحو ذلك: ونشر من الند يسطع دخانه، ويعبق نسيمه، إلا أن مجامر ذلك الدخان يشملها الآس الذي قد جللها، وبعينها النرجس الذي قد أحاط بها.

ثم قال: ولسنا نرى لهبا يؤثر في ذلك الند، ولا نارا تهيج روائح ذلك الطيب. يشير إلى أن الآس والنرجس سترا ذلك اللهب وغيباه، وأحاطا به وشملاه، فهل هاجه أيها الرئيس وأبانه، وأظهره فوح كرمك وأثاره؟!.

ثم قال مخبرا عن الممدوح الذي استفتح بذكره: وأن القيام الذين حوله لتحسد رؤوسهم أرجلهم على ما تتصرف فيه من خدمته، وتنافسها في اعتماد القائمين عليها بحضرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>