للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَعَرَّضُ لِلزُّوَّارِ أَعنَاقُ خَيلِهِ ... تَعَرَّضَ وَحشٍ خائِفاتٍ مِنَ الطَّردِ

وَتَلقَى نَواصِيها المَنَايا مُشيحَةً ... وُرُودَ قَطاً صُمٍّ تَشَايَحنَ في وِردِ

وَتَنسُبُ أَفعَالُ السُّيُوفِ نُفُوسَهَا ... إليهِ وَيَنسُبنَ السُّيوفَ إلى الهِندِ

تعريض الفرس لعنقه: أن يولي الناظر صفحته، ويعدل عنه بوجهه، والمشيح: الجري المقدم، وقد تكون الإشاحة بمعنى الحذر، وتكون بمعنى الإعراض، والقطا الصم: الذي لا عهد لها بالأنيس ولا بأصواتهم، وهي تجيب (الماء) لا تسمع صوتا، ولا تذعر فيه، فليس تنثني عن الورود، قال الراجز:

رِدِي رِدِي وِردَ قَطاةٍ صَمَّا ... كُدْرِيَّة أَعجَبَها بَردُ المَا

فوصفها بالصمم لشدة إعتزامها على الورود.

فيقول: أن خيل ابن العميد تذعر بزواره؛ لاعتيادها أن تكون فيما يهبه لهم، فهي إذا أحست بهم عرضت أعناقها مستشرفة، وأصغت إليهم حذرة متوقعة، كما تفعل الوحش عند إحساسها بصائدها، وتوقعها لعادية طالبها.

ثم قال: وتلقى نواصي تلك الخيل المنايا مقدمة غير محجمة، ومبادرة غير متوقعة، وتردها ورد القطا الصم على مشاربها، وتسرع إليها كإسراعها إلى مواردها.

ثم قال، وهو يريد الممدوح: وتنسب أفعال السيوف أنفسها (إليه)، ولا تعول في نفاذها إلا عليه، مع أن السيوف إلى الهند منسوبة، وهي في تلك البلاد مطبوعة، ولكن أفعالها لهذا الممدوح خالصة، وهي في وقائعه متصرفة نافذة.

إذا الشُّرَفاءُ البِيضُ مَتُّوا بِقتوِهِ ... أَتَى نَسَبٌ أَعلى مِنَ الأَبِ والجَدِّ

فَتىً فَاتَتِ العَدوَى مِنَ النَّاسِ عَينُهُ ... فَمَا أَرمَدَتْ أَجفانُهُ كَثرَةُ الرَّمْدِ

وخَالَفَهمْ خَلقَاً وخُلقاً وَمَوضِعَاً ... فَقَد جَلَّ أَن يُعدَى بِشَيءٍ وأَنْ يُعدِي

القتو: الخدمة، والعدوى: اتصال الداء بغير صاحبه بالمجاورة ما هو أجل من

<<  <  ج: ص:  >  >>