للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قطعها، ولا بجبالها والترقي في وعرها؛ لأنها تملأ السهول والأوعار، وتعم البسائط والجبال.

يَغضْنَ إذا ما عُدْنَ في مُتَفاقِدٍ ... مِنَ الكُثرِ غَانٍ بِالعَبِيدِ عَنِ الحَشْدِ

حَثَتْ كُلُّ أرضٍ تُربَةً في غُبارِهِ ... فَهُنَّ عَلَيهِ كالطَّريقِ في البُردِ

يغضن: يستترن، والمتفاقد: الجيش الذي يضل فيه الرجل صاحبه فلا يجده؛ لكثرة أهله، والكثر والقل: لغتان في الكثرة والقلة، والغاني: ذو الغنى، والحشد ما يستكثر به من الأباعد، وحثت: طرحت، والبرد: ثوب مطرق من ثياب اليمن.

فيقول مشيرا إلى (الكتائب) المبثوثة من الجيش الذي وصفه: يغضن، مع ما هن عليه من كثرتهن، واحتفال عدتهن عند انصرافهن إلى الجيش، في متفاقد لا يهتدي فيه الرجل إلى صاحبه، ولا الطالب إلى بغيته؛ لاحتفال جمعه وكثرة أهله، وهو مع ذلك مستغن بعبيد الممدوح عن الاحتشاد بغيرهم، وبخاصتهم عن الاستكثار بمن لا يدخل في رسمهم.

ثم قال مشيرا إلى كثرة ذلك الجيش، وحفل جماعته، وسعة موضعه، وبعد مسافته: حثت كل بقعة من الأرض في غباره تربة، وأظهرت في عجاجه سمة، فهي في ذلك الغبار كالطرائق في البرد تتبين ولا تكتتم، وتتميز ولا تستتر، وكل بقعة موضعه من الأرض على كثرة ما اشتمل عليه من الجمع.

فَإنْ يَكُنِ المَهدِيُّ مَنْ بَانَ هَديُهُ ... فَهذا، وإلاَّ فالهُدَى ذَا، فما المَهدِى؟!

يُعَلِّلُنا هذا الزَّمَانُ بِذا الوَعدِ ... وَيَخدَعُ عَمَّا في يَدَيهِ مِنَ النَّقْدِ

هَلِ الخَيرُ شَيءٌ لَيسَ بِالخَيرِ غَائِبٌ ... أَمِ الرُّشْدُ شَيءٌ غَائِبٌ لَيسَ بالرُّشدِ

المهدي: إمام عادل من أهل البيت، بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكون في آخر الزمان، فيما ينقله بعض الرواة، والهدى: الاحتمال على الرشد.

فيقول، وهو يشير إلى الممدوح: فأن يكن المهدي الذي بشر به، إنما استحق هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>