للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثناياها الواضحة، وما يطلعه من تلألؤ تلك الأنوار الساطعة. وعقد البيت على الإيماء والإشارة التشبيه والاستعارة.

ثم قال مشيرا إلى موضع محبوبته من الرفعة، وما هي عليه من الرفاهية والنعمة: ما نفضت في يدي غدائرها من الطيب والعطر، وما اكتسبتها من الفوح والنشر، جعلته أفواها تتضوع، ومشاما تعبق وتسطع.

لَقَينَنَا والحُمُولُ سَائِرَةٌ وَهُنَّ ... دُرٌّ فَذُبنَ أَمواها

في بَلَدٍ تُضرَبُ الحِجَالُ بِهِ ... عَلى حِسَانٍ وَلَسنَ أَشبَاهَا

كُلُّ مَهَاةٍ كَأَنَّ مُقلَتَها ... تَقوُل: إيَّاكُمُ وإيَّاهَا

فِيهنَّ مَنْ تَقطُرُ السُّيوفُ دَمَاً ... إذا لِسَانُ المُحِبِّ سَمَّاها

الحمول: الإبل عليهن النساء في هوادجهن، واحدها حمل، والأمواه: جمع ماء، والهمزة (مبدلة من هاء كما) في قولهم هرقت وأرقت وما أشبهه، ويدل على أن همزة ماء مبدلة من هاء قولهم في تصغير ماء مويه، وفي النسب إليه ما هي، وفي جمعه أمواه.

فيقول مشيرا إلى محبوبته والمتصلات بها: لقيننا والحمول سائرة بهن في حسنهن، وتضوع بياضهن كاللؤلؤ المكنون، والدر الرفيع المصون، فذبن أمواها من الخجل، وغيرهن إفراط الأسف والحزن.

ثم قال مشيرا إلى اللواتي قدم ذكرهن: كل مهاة تفتن بحسنها، وتغلب على القلوب بتكامل دلها، كأن مقلتها بما تضمنته من السحر، وصرفته من فتور اللحظ، تحذر من أبصرها من عواقب الحب، وتسير إلى قسوتها على المتيم الصب.

ثم قال مبينا لمنزلة المذكورات من الرفعة، وموضعهن من جلالة الرتبة: فيهن من لا تتفوه الألسن بذكرها، ولا يتمكن التصريح باسمها، فأن أعلن المحب بذكر؛ لفرط كلفه لها، قطرت السيوف دما عند ذلك إكراما لها. فأشار إلى أن المذكورات

<<  <  ج: ص:  >  >>