للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتصلن بالملك، ويشتمل عزه عليهن بلا شك.

أُحِبُّ حِمصَاً إلى خُناصِرَةٍ ... وَكُلُّ نَفسٍ تُحِبُّ مَحيَاهَا

حَيثُ التقى خَدُّها وَتُفَّاحُ لُبنَانَ ... وَثَغرِي على حُمَيَّاها

وَصَفتُ فِيهَا مَصِيفَ بادِيَةٍ ... شَتَوتُ بالصَّحصَحَانِ مَشتَاهَا

حمص وخناصرة: بلدان من الشام، ولبنان: جبل من جبال الشام، لا نظير لتفاحه في طيب المطعم، وعبق الريح، وحميا الكأس: سورتها وحدتها، والصحصحان: ما استوى من الأرض واتسع، والمحيا والمصيف والمشتى: مصادر بمعنى الحياة والصيف والشتاء.

فيقول: أنه يحب حمص، هذا البلد، إلى خناصرة، هذا الموضع، وما بين هذين المكانين مقر أحبته، وجماع مسرته، وكل نفس تألف حياتها وترغبها، وتؤثرها بالإرادة وتفضلها.

ثم قال مشيرا إلى الجهة التي وصفها، وإلى محبوبته التي رفع بها: حيث التقى خد تلك المحبوبة بلثمي له، وتفاح لبنان بتنقلي به، وحميا الخمر التي نازعت محبوبتي كؤوسها، وقاسمتها مؤانستها وسرورها. واعتمد تفاح لبنان من بين سائر نقله، لمماثلته الخد الذي لثمه في الخلقة، ومقاربته له في اللون والنكهة.

ثم قال، وهو يريد الناحية التي قدم ذكرها: (وصفت فيها مصيف بادية)، يخبر بأنه مدة ذلك المصيف جانب الحواضر، واثقا بجرأته، وتصرف في البادية مسندا إلى نفاذه وشدته، وكذلك قطع الشتاء المتصل بذلك الصيف في صحصحان تلك البادية، غير معتصم ببنيان يسكنه، ولا معرج على حصن يمنعه، معولا على نفسه ومن يألفه من الفتيان، ومستظهرا بمن يستضيف إليه من حماة الفرسان.

إنْ أعشَبَتْ رَوضَةٌ رَعَينَاهَا أَو ... ذُكِرَتْ حِلَّةٌ غَزَونَاهَا

أَو عَرَضَتْ عَانَةٌ مُفَزَّعَةٌ ... صِدْنَا بِأُخرَى الجِيادِ أُولاَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>