للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَو عَبَرَتْ هَجمَةٌ بِنَا تُرِكَتْ ... تَكُوسُ بَينَ الشُّرُوبِ عَقْراها

الحلة: البيوت المجتمعة تنزلها القبيلة من الأعراب في البادية، والعانة: القطيع من حمر الوحش، والهجمة: ما بين التسعين إلى المائة من الإبل، وكوس الدابة: أن تمشي على ثلاث قوائم، يقال من ذلك: كاست تكوس كوسا، وشروب: جمع شرب، وهم القوم يعكفون على الشراب.

فيقول واصفا لحاله، يبديه الذي قدم ذكره: أن أعشبت روضة وردناها غير متوقفين، ورعتها إبلنا وخيلنا غير مدافعين، لا نحذر غارة تطرقنا، ولا نخاف جماعة تنازعنا، وإن ذكرت لنا حلة من حلل العراب غير حلتنا، غزوناها غير مستبقين لها، وأتيناها موقعين بها. يشير إلى ما يتصرف فيه من العزة، وما هو عليه من الاستظهار والقوة.

ثم قال: أو عرضت لنا في خلال ما نحن عليه، عانة من حمر الوحش مذعورة مفزعة، مستنفرة مروعة. يشير بذلك إلى استفراغها لأنفسها في الجري، وبلوغها إلى غاية ما تستطيعه من العدو؛ طردناها طالبين، وتلوناها متبادرين، وقصدنا بأواخر خيلنا أوائلها، وبالمتأخرين من فرسانها سوابقها. فأعرب عن موضع خيله وخيول أصحابه من العتق، ومحلها من الكرم والسبق؛ لأن متأخرها بعفوه أدرك متقدم الحمر، مع ما بذل في العدو من جهده.

ثم قال: وإن عبرت علينا هجمة من الإبل ضربنا سوق كرائمها بسيوفنا، فكاست عقراها بين شروبنا، فعقرناها مطعمين متكرمين، كما صدنا ما طردناه من الوحش منعمين مقتدرين.

فَالخَيلُ مَطرُودَةٌ وَطَارِدَةٌ ... تَجُرُّ طُولَى القَنَا وَقُصراها

يُعجِبُها قَتلُها الكُمَاةَ ولا ... يُنظِرُها الدَّهرُ بَعدَ قَتلاها

الطولى والقصرى: بمعنى الطويلة والقصيرة، وكلاهما فعلى، من طال يطول

<<  <  ج: ص:  >  >>