للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقصر يقصر، بمنزلة الحسنى والسرءى، من حسن يحسن، وساء يسوء، والكماة: جمع كمي، وهو الذي يستر من شجاعته أكثر مما يظهر مأخوذة من كميت الشيء: إذا سترته، وينظرها: يمهلها.

فيقول: وخيلنا مطرودة وطاردة، ومطلوبة وطالبة، في قتال من تقصده، ومنازلة من تغير عليه وتعتمده، تجر ما طال من القنا لصحته وسلامته، وما قصر لتكسره في استعمال المطاعنة به. يشير إلى مداومته ومداومة أصحابه للحرب، وتنازعهم لشدة الطعن.

ثم قال مشيرا إلى خيله: يعجبها قتل من تقتله منك كماة الفرسان، ومشاهير الشجعان؛ لما لها في ذلك من الظهور والظفر، وما يتخلد لها من طيب الخبر، إلا أنها مع ذلك لا يمهلها الدهر فتطول مددها، ولا يتراخى عنها القتل فيتأخر أمدها. وقصد إلى قول بني الحارث بن عبد المدان.

وإنَّا أُنَاسٌ لا نَرَى القَتلَ سُبَّةً ... إذا ما رَأَتهُ عامِرٌ وَسَلُولُ

يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنَا لَنَا ... وَتَكرَهُهُ آجَالُهم فَتَطُولُ

فأفتخر بإسراع القتل إلى أصحابه وإليه، وتوطينهم لأنفسهم عليه.

وَقَدْ رَأَيتُ المُلوكَ قَاطِبَةً ... وَسِرْتُ حَتَّى رَأَيتُ مَولاَها

وَمَنْ مَنَاياهُمُ بِراحَتِهِ يَأمُرُها ... فِيهمْ وَيَنهَاهَا

أَبَا شُجَاعٍ بِفَارِسٍ عَضدَ الدَّولَةِ ... فَنَاخُسرُو شَهنَشَاها

قاطبة: كلمة بمعنى المصدر، كأن الذي يقول: رأيت القوم قاطبة، يقول: رأيتهم عامة وجميعا.

فيقول: وقد رأيت الملوك محتفلا في رؤيتهم، وشهدتهم مستوعبا لجماعتهم، وسرت حتى بلغت إلى الملك الممدوح، فرأيت منزلته في المسميين باسمه، منزلة المولى من خادمه، والرئيس من تابعه، وعلمت أنه ملك الملوك لاشك فيه، وعظيم

<<  <  ج: ص:  >  >>