للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العظماء لا خفاء عليه.

ثم قال: ورأيت منه الذي منايا الملوك براحته، وتصرفهم في الأمور على حسب إرادته، فمن أرضاه مكنت له السعادة جميع مقاصده، ومن أسخطه أورده الحين أخبت مارده. وهذه العبارة وإن لم تكن على نص لفظه، فهي مفهومة من حقيقة قصده.

ثم قال، يريد الممدوح: أبا شجاع الذي أتيته بفارس، هذه البلدة الجليلة، والناحية المعظمة الكريمة، ثم أردف ذلك بقوله: فناخسرو شهنشاها، فأبان عنه بأسمه، وأتبعه برفيع من وصفه. والكلمتان فارسيتان، ومفهوم الوصف فيهما الإجلال والتعظيم، ومراد التفضيل والتقديم.

أَسَامِياً لَمْ تَزِدهُ مَعرِفَةً وَإنَّما ... لَذَّةٌ ذَكَرنَاهَا

تَقُودُ مُستَحسَنٌ الكَلاَمِ لَنَا ... كما تَقُودُ السِّحابَ عُظمَاها

هو النَّفِيسُ الَّذي مَواهِبُهُ ... أَنفَسُ أَموَالِهِ وَأسنَاهَا

العظمى من السحاب هي العظيمة، على وزن فعلى من العظم، وأسنى الأموال أرفعها قيمة.

فيقول فيما قدمه من أسماء الممدوح: تلك الأسماء لم تزده شهرة، ولا أفادته في الناس معرفة، لما عظمه الله من قدره، وأبانه من جلالته وفضله، ولكنه أجتلبها التذاذا بذكرها، وأعلن بها استكثارا من حسنها.

ثم قال: أن تلك الأسماء تقود مستحسن الكلام لنا وتتدقمه، وتشتمل عليه وتتضمنه، كما تقود العظمى من السحاب تواليها، وتتصل سائرها في النهوض بها.

ثم قال مشيرا إلى الممدوح: هو النفيس الذي عطاياه ومواهبه، ومكارمه وفواضله، أنفس مما يقتنيه ويدخره، وأرفع ما يستفيده ويكتسبه، يريد أنه لا يصون الأموال

<<  <  ج: ص:  >  >>