ثم قال، وهو يشير إلى الدنيا، وأضمر ثقة ببيان ما قصد له: دان له شرقها ومغربها، على بعد ما بين الأمرين، وتراخي الأمد بين الغايتين، ونفسه تستقل الدنيا بجملتها، ولا يقنعها أن تنفرد بإمرتها، لما تتحققه من بيان فضله، وتتيقنه من انقياد الرئاسة لمثله.
ثم قال: تجمعت في فؤاده همم لا تتناهى رفعتها، ومقاصد في السيادة لا تتحصر جملتها، إحدى تلك الهمم تملأ فؤاد الزمان وتذعره، وتعجزه بما يحاوله وتبهره.
وَدَارَتِ النَّيِّراتُ في فَلَكٍ تَسجُدُ ... أَقمَارُهُ لأَبِهَاهَا
الحظ: الجد، والفيلق: الكتيبة الشديدة، والنيرات: السيوف والأسنة، استعار ذلك من أسماء الكواكب، والفلك هاهنا: حيث تدور الحرب، شبهة بمدار النجوم على ما قدمه من استعارة أسمها للأسنة والسيوف.
فيقول: فأن أتى حظ همم الممدوح المقرونة بالسعادة، المحروزة لغايات السيادة، بأزمنة هي أوسع من زمانه المشهور بما يقرب الله للممدوح من المراد، ويقربه بمقاصده من السداد، أبدى تلك الهمم وأظهرها، وصرفها فيما يحاوله وأعملها.
ثم قال مبينا لما قدمه: وصارت الفيلقان، من أصحابه والمقدمين على خلافه، فيلقا واحدا باستيلائه على المناصبين له، وتملكه لمرهم، يعثر الأحياء المتغلبون من أصحابه في جثث القتلى المصرعين من أضداده.
ثم قال مشيرا إلى السلاح ومجال الحرب: ودارت النيرات في فلك تسجد فرسان مغانيه، وتخضع زعماء مواكبه، وهم أقمار ذلك الموقف الطالعة، وكواكبه النيرة الثاقبة، لأبهاها وأرفعها، وأجلها وأكملها، يشير إلى أن الممدوح تخضع له في