الظاهرة، لما عدت نفسه سجيتها في الفضل، ومذهبها في إتيان الكرم والبذل؛ لأن نعمه ليست على سبيل الاستكثار من الشكر، وإنما هي على ما يضمنه عنه شرف الطبع.
ثم قال مؤكدا لما قدمه من وصف الممدوح، وما جبله الله عليه من عموم فضله، والتقدم في الإحسان بطبعه: أنه كالشمس التي تنير بخلقتها، وتريق الخلائق بجبلتها، ولا تبتغي عندهم جزاء تعتقده من الشكر، ولا منزلة تحوزها بجميل الذكر، وأن كرمه خلق جبل عليه، لا لعرض من الدنيا يرغب إضافته إليه.
الوَاسِعُ العُذرِ أَن يَتيهَ عَلَى الدُّنيَا ... وَأَبنَائِها وما تَاهَا
فيقول: أن الممدوح في خلال من الرفعة، ومنزلة من الجلالة والمملكة، يوسعان عذره في التيه على الدنيا وأهلها، والأخذ في ذلك لنفسه (يفي) بحقها، ولكنه يؤثر التواضع ويألفه، وبجانب الكبر ولا يوافقه.
ثم قال: ول ما عدا الممدوح من السلاطين من اعتمدهم بقصده، وما إليهم بتأميله ووده، ودعهم وما آثروه، وسلم إليهم ما تخيروه، والجأ إلى الممدوح تكن موازنا لغيره من السلاطين بنفسك، ومباريا لهم بجلالة حالك، فخدمته تفيد أكثر مما استفادوه، وتتكفل بأوفر ما جاوزه من النعمة.
ثم قال: ولا تغرنك الإمارة ممن ينتحلها وليس باسم لها، ويتقلد أسمها دون أن يتحقق بها، مباهيا في ذلك غير منصف، ومغالطا بباطله غير معترف.