للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَموَاهٌ يَصِلُّ بِهَا حَصَاهَا ... صَلِيلَ الحَلْي في أَيدِي الغَوَانِي

الثمر: حمل الشجر، والصليل: امتداد الصوت، والغواني: الشواب ذوات الأزواج، واحدتها غانية.

فيقول: أن للشجر التي قدم ذكرها ثمرا في غاية النضرة، وعلى أفضل ما يروق ويعجب من النعمة، يكاد ينذاب في فم آكله، ولا يتماسك في يد متناوله، كالشراب المستجد في غير إناء، والقائم بنفسه من دون وعاء.

ثم وصف المياه المطردة في تلك الغياض، والعيون المتفجرة بين تلك الرياض، فقال: أن تلك الأمواه يصوت حصاها عند تحريكها له، ويصل عند سيلانها به، تصويت جواهر الحلي إذا حركت، وعلى مثل حالها من الحسن والبهجة إذا تؤملت.

وَلَو كَانَتْ دِمَشقَ ثَنَى عِنَانِي ... لَبِيقُ الثُّردِ صِينِيُّ الجِفَانِ

يَلَنْجُوجِيُّ ما رُفِعَتْ لِضَيفٍ ... بِه النِّيرانُ نَدِيُّ الدُّخانِ

يُحَلُّ بِهِ عَلَى قَلبٍ شُجَاعٍ ... وَيُرحَلُ مِنهُ عَنْ قَلبٍ جَبَانِ

دمشق: مدينة في الشام معروفة، واليلنجوج: العود الذي يتبخر به، والند: أخلاط من الطيب يجمع بالعنبر المذاب، ويستعمل ذلك في البخور، والجفان الصينية: جفان تتخذ من حنتم الصين، وهو أرفع ما يكون فيه الطعام.

فيقول: ولو كانت هذه المنازل دمشق، قاعدة الشام التي لم أزل أعتقد التفضيل لها، وأتخير الاستقرار بها، لثنى عناني عنها الممدوح الذي أقصده، والرئيس الذي أعتمده، الجاري على سير العرب في بذل الطعام، والاحتمال من ذلك على سنن الكرام، إلا أن ثرده لبيقة خاصية الصنعة، وجفانه صينية جليلة القيمة، وما يرفعه للضيفان من نيرانه يلنجوجي الوقود، وما يثور عن ذلك من الدخان ندي الوجود.

ثم قال: يحل زواره منه على قلب شجاع، متقدم في برهم، ويرحلون منه عن قلب

<<  <  ج: ص:  >  >>