الخيال: ما يتمثل في المنام مما تشتغل النفوس به، والنوبندجان: موضع من أرض فارس، والورقة: سواد في غبرة، والقيان: الإماءة المتزينات برفيع الصنع، والشعب: هو شعب بوان الذي قدم ذكره.
فيقول: أن المنازل التي ذكر حسنها، وأحتفل في وصفها، لم يزل يشيعه منها خيال يمتثله، وتذكر يتوهمه، إلى أن صار بالنوبندجان؛ وأشار بهذا إلى ما باشره بالشعب من المحاسن المعجبة، وما شاهده من الأمور المستغربة.
ثم قال: إذا غنت الحمام الورق في هذه المنازل، متداعية في أشجارها، مكثرة من التغريد على مجاري مياهها، أجابت تلك الألحان أغاني القيان المطربة، وأصواتها الندية المستحسنة.
ثم قال: ومن بالشعب المذكور من أهله وساكنيه، ومستوطنيه وعامريه، أحوج من الحمام إذا غنى وناح، إلى بيان ما يذكره، والتعريف بما يرجعه. يشير إلى لغات أهل تلك البلاد، قد غلبت عليها العجمة، وفشي فيها الاستغلاق واللكنة.
ثم قال مؤكدا لما قدمه، ومشيرا إلى تلك الأغاني والنغم، مفارقة لما عهد من نظائرها في بلاد العرب: وقد تتفاوت الأوصاف وتتماثل، وتتدانى هيئتها وتتشاكل، وأعيان الموصوفات بها متفارقة متنائية، وبعيدة في حقائقها متباينة.
يَقُولُ بِشَعبٍ بَوانٍ حِصَانِي ... أعَنْ هذا يُسَارُ إلى الطِّعانِ؟!