الرؤساء، لألقاه من ذلك في غاية الدربة، وعلى أفضل ما يرغب في الشعر من النفاذ والقوة، وإنما كنت فيما تقدم لي من الشعر كمن يتعلم الطراد بقناة لا سنان لها، ومطاعنة لا يتأذى بها، فلما أرضاه موضعه من الإحسان، وتقدمه في ذلك الشان، بلغ بالطراد إلى غايته، وأستعمله من حقيقة الحرب في نهايته، وكذلك لما رضيت موضعي من الشعر، اعتمدت من فات أهل زمانه في جلالة القدر.
عضد الدولة: هو لقب فناخسرو، وخفف عضدا؛ لأن الضمة والكسرة تخففان في الثلاثي في مثل عضد وإبل، ذكر ذلك سيبويه، وربما قرءوا الكلمة على حسبها قبل التخفيف، وربما قلبوا الضمة والكسرة على ما قبلهما، فيقولون في عضد: عضد، وفي كتف: كتف. والبيض: السيوف، والسمر: الرماح، واللدان منها: كثيرة الاهتزاز، والحرب البكر: التي لم يكن قبلها حرب، والعوان: التي تكون بعد حرب، واستعار ذلك من صفات النساء، فالبكر منهن: التي لم تتزوج، والعوان: التي قد كان لها زوج.
فيقول: بالممدوح عضد الدولة امتنعت الدولة وعزت، وامتدت أطنابها وجلت، وفخمت على سائر الدول، وتواضع لها ملوك الملل، وما كان من الدول مما لم يكن فيه ممن يتغلب بها اللقب من رجال دعوتها، والمتصلين بجملتها، فليس لها يدان تبطش بقوتهما، وتبسط وتقبض بموضعهما؛ لأن اليدين إنما يتصرفان بالعضد، وهو لها أثبت سند. ثم أكد ذلك فقال: ومن لا عضد له فقد عدم حظه من أعمال البيض الصوارم، وتصريف السمر الذوابل. يشير إلى الترفيع بهذا اللقب، ويخبر أن له في السيادة أجل سبب.