ثم قال زائدا في تأكيد ما قدمه: دعته الدولة بمفزع أعضائها عند الشدائد، وعمدتها في الأمور العظائم، فكأن هذا اللقب إنما اشتق الممدوح من معناه، وأخبر عما تقلده في الدولة وتولاه.
فَمَا يُسمِي كَفَنَّاخُسرُو مُسمٍ ... ولا يُكْنَى كَفَنَّاخُسرُو كَانِ
ولا تُحصَى فَضَائِلُهُ بِظَنٍّ ... ولا الإخبَارِ عَنهُ ولا العِيَانِ
يسمي: بمعنى يسمي، وهو ذكر الرجل بالعلامة التي يعرف بها، يقال سميته وأسميته، والكنية: معروفة.
فيقول: ما يسمي مسم، ولا يكني كان كفناخسرو في نفاذ أمره، وجلالة قدره، وانفراده بالمكارم، وبحمله للعظائم.
ثم قال: ولا تطمح الظنون إلى أن تحصي فضائله، ولا تبلغ الأخبار إلى أن تستوفي محاسنه، ولا يستوعب العيان ذلك ولا يدركه، ولا يأتي عليه ولا يستكمله، إذ هو واحد زمانه في جلالة الشأن، ومقدم أهله في علو المكان.
ثم قال: فإذا كانت أروض الملوك في زمانه من ترب متماثل، وخوف شامل لا يتباين، فأرضه من أمان ودعة، وأهلها في خفض وسعة، قد ضبطها بقوة سياسته، وسكنها بتعاهده ورعايته.
تُذِمُّ على اللُّصوصِ لِكُلِّ تَجرٍ ... وَتَضمَنُ لَلصَوارِمِ كُلَّ جَانِ
إذا طَلَبَتْ وَدَائِعُهُمْ ثِقَات ... دُفِعنَ إلى المَحَانِي والرِّعانِ
تذم: تجير وتعاهد، واللصوص: القاطعون للسبل، ومن يجري مجراهم، والتجر: جماعة التجار، يقال: تاجر وتجر، كما يقال شارب وشرب، والمحاني: معاطف الأودية، والرعان: أنوف الجبال، الواحد رعن.