الشمري: النافذ الماضي من الرجال، والمثالث والمثاني: أوتار معروفة في عيدان الغناء.
فيقول: حمى أطراف بلاد فارس من الممدوح فناخسرو، شجاع صارم، نافذ عازم على استدامة السلامة والبقاء، باستهلال الهلكة والفناء؛ يريد: أنه يعتقد أن الإكثار من القتل في سبيل الحق يعود راحة شاملة، وسلامة لمن يلتزم الاستقامة دائمة.
ثم أكد ما قدمه، فقال: بضرب تطرب المنايا بأصواته، وترتاح عند حلول أوقاته، هو غير ضرب المثالث والمثاني المستعمل لتسلية المكروب، واستجلاب الفرح إلى القلوب.
كَأَنَّ دَمَ الجَمَاجِمِ في العَنَاصِي ... كَسَا البُلدَانَ رِيشَ الحَيقُطانِ
العناصي: خصل الشعر، الواحدة عنصوة، الحيقطان: ذكر الدراج.
فيقول: كأن ما رفعه الممدوح فناخسرو من رؤوس اللصوص والقاطعين للسبل في أقطار بلاد فارس، وما صار في عناصي تلك الرؤوس من دمائها، وما أفضى إليه ذلك من إخافة المفسدين، وتأمين المستورين، مهد البلاد وأمنها، ووطأها وسكنها، حتى كأنها مفروشة بريش الدراج من الطير، الذي هو أوطأ فراش وألينه، وأوثر مهاد وأفضله.
ثم أكد ذلك فقال: لو طرحت في تلك البلاد قلوب العشاق، وهي أضعف القلوب منة، وأكثرها وقارا وروعة، لما خافت من الحدق الحسان، مع نفاذ الحدق عليها فيما تقصده، وقوتها فيما تدعو إليه وتوجبه. فأشار إلى فناخسرو، بقوة سلطانه، وشدة ضبطه لأعماله، أمن من المخاوف ما لا يؤمن مثله، وفعل في ذلك ما لا يتمكن لأحد فعله.
وَلَمْ أرَ قَبلَهُ شِبلَيْ هِزَبرٍ ... كَشِبلَيهِ ولا فَرَسَي رِهَانِ