للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَشَدَّ تَنَازُعَاً أَصلٍ وَأشبَهَ ... مَنظَرَاً بِأبٍ هجانِ

وأكثَرَ في مَجَالِسهِ استِماعَاً ... فُلانٌ دَقَّ رُمحاً في فُلانِ

الهزبر: الأسد، والشبل: ولده، والرهان: المسابقة بالخيل، والهجان من الرجال: الكريم الفضل، والدق: الكسر.

فيقول: ولم أر قبل ورثة الممدوح فناخسرو شبلي أسد كشبلية، ولا متسابقين إلى مجد كولديه. يشير إلى أنه لما لقيه وأفضى إلى ما شاهده من عظم شأنه، وجلالة سلطانه، أبصر من ولديه من يحذو حذوه، ويمتثل فضله، ورآهما يتسابقان في المجد، ويجريان إلى إحراز غابات الحمد.

ثم قال، وهو يريده: أشد منهما تنازعا لأصل كريم يتلوان فضله، وأثبت شبها بأب جليل يمتثلان فعله، مقتفين لما خلده من المكارم، مستبقين إلى ما شيده من الفضائل.

وأكثر منهما استماعا في مجالسه، لما يتخابر به من أمور الحرب، وما ينسب إلى الأبطال من التقدم في الطعن والضرب، لا يصغيان إلا على مثل ذلك، مما يزيد في الإقدام والبأس، ويحمله تحفظه على قوة النفس.

وَأَوَّلُ دَايَةٍ دَأَيَا المَعَالِي ... فَقَدْ عَلِقَا بِهَا قَبلَ الأوَانِ

وَأَوَّلُ لَفظَةٍ فَهِمَا وَقَالا ... إغَاثَةُ صَارخٍ أَو فَكُّ عَانِ

وَكُنتَ الشَّمسَ تَبهَرُ كُلَّ عَينٍ ... فَكَيفَ وَقَدْ بَدَتْ مَعَهَا اثنَتَانِ؟!

الداية: الحاضنة التي تتولى تربية الولد دون أمه، والعاني: الأسير، وفكه: إطلاقه، وتبهر: بمعنى تغلب.

فيقول، وهو يريد ولدي الممدوح: وأول داية وليت تربيتهما، واتصلت بهما عند نشأتهما، معالي الأخلاق الذي غذتهما، وشراف الأفعال التي ألفتهما، فقد علقا ذلك قبل أوانه، وجريا على اكرم عادة في استحسانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>