للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في زمانها فتملك.

ثم قال: مسرة في قلوب الطيب وضروبه، استعمالها له، والتباس مفرقها به، واستعار للطيب قلبا على سبيل التجوز، وجمعه على معنى أن الطيب جنس اشتمل على ضروب كثيرة، وحسرة في قلوب البيض واليلب، ما تبغيه من أن يعلق ذلك المفرق، وتحمل ذلك الموضع.

ثم قال: إذا رأى هذا الضرب من السلاح رأس من يلبسه، ورأى هذه السيدة الجليلة، والعقيلة الكريمة، رأى المقانع التي تستعملها مكانه، وتحلها محله، أعلى منه رتبة، وأظهر جلالة ورفعة. يشير إلى أنها مع التأنيث يتواضع عنها فحول الرجال، ولا يساويها مشاهير الأبطال.

فَأِنْ تَكُنْ خُلِقَتْ أُنْثَى لَقَدْ خُلِقَتْ ... كَرِيمَةً غَيْرَ أُنْثى العَقْلِ والحَسَبِ

وَإِنْ تَكُنْ تَغْلِبُ الغَلْبَاءُ عُنْصُرَها ... فَإِنَّ الخَمْرِ مَعْنى لَيْسَ في العِنَبِ

الحسب: الشرف، وتغلب: القبيلة المعروفة، إليها ينسب بنو حمدان، والغلباء الضخمة القوية، والعنصر: الأصل.

فيقول: فإن تكن هذه المتوفاة أنثى في خلقها، وامرأة في حقيقتها، وكان التأنيث من صفات النقصان، فقد خلقت هي كريمة سيدة، فاضلة مقدمة، غير أنثى في عقلها وحسبها، ولا منقصة في رفعتها وشرفها.

ثم قال: وإن تكن تغلب؛ هذه القبيلة، مع جلالتها واشتهار فخامتها، أصل هذه المتوفاة، وكان لها من بين نسائها الشرف الذي لا يعادل، والفضل الذي يماثل، فذلك غير بديع، فالعنب أصل الخمر، وليس فيه ما يوجد في الخمر من توليد الفرح، وإثارة الطرب. يشير إلى أن الفرع قد يشرف أصله، والآخر قد يفضل أوله.

فَلَيْتَ طالعَةَ الشَّمْسَيْنِ غَائِبَةٌ ... وَلَيْتَ غَائِبَةَ الشَّمْسَيْنِ لَمْ تَغِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>