للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِعَزْمٍ يَسِيْرُ الجسْمُ في السَّرْجِ رَاكباً ... بِهِ ويَسيرُ القَلْبُ في الجِسْمِ ماشِيا

قَواصِدَ كَافُورٍ تَوارِكَ غَيْرْهِ ... وَمَنْ قَصَدَ البَحْرَ اسْتَقَلَّ السَّواقِيا

يقول: إنه امتطى ما ركبه من الخيل المذكورة، هو ومن استضاف إليه، بعزم ثابت، وجد بالغ، يسير القلب بهما ماشيا في الصدر، كما يسير الجسم بهما راكبا في السرج، وأشار بما ذكره من مشي القلب في الجسم إلى ما فسرناه من الصدر؛ لاشتمال الجسم عليه، وأعرب عن قوة نيته فيما قصده، واستفراغه غاية المجهود في إنفاذ ما اعتقده، وأخبر عن القلب بالمشي على طريق التجوز، وطابق بين الركوب والمشي، كما طابق بين الجسم والقلب، وجمع بين الإبداعين في نيته، واستوفاهما مع اختصار لفظه.

ثم قال، مشيرا إلى خيله: قواصد كافور توارك غيره من الملوك الذين منزلة جميعهم بالإضافة إلى قدره، وموازنتهم بما أبانه الله من فضله، منزلة السواقي من البحر، والأجزاء اليسيرة من الكل. يشير إلى استعلائه عليهم، وانفراده بالرئاسة فيهم.

فَجاَءتْ بِنا إِنْسانَ عَيْنِ زَمانَهِ ... وَخَلَّتْ بَيَاضاً خَلْفَها ومَآقِيا

نَجُوزُ عَلَيْها المُحْسِنينَ إلى الذي ... نَرَى عِنْدَهُمْ إِحْسَانَهُ والأيَادِيَا

الأماق: جمع موق، وهو طرف العين مما يلي الأنف.

فيقول: فجاءت هذه الخيل بنا من كافور، هذا الملك، إنسان عين الدهر الذي ينظر به، وعماده الذي تسلم الملوك له، وأعرضت عن سائر الملوك الذين منزلتهم منه منزلة بياض العين من سوادها، وموقها من ناظرها. فأشار إلى تفصيل كافور بسواد لونه ألطف إشارة، ودل على تقدمه لبيضان الملوك أوضح دلالة.

ثم قال: نجوز على تلك الخيل من مررنا عليه من الرؤساء الذين قد ظهر إحسانهم، وجلت أحوالهم، إلى كافور، هذا الملك، الذي إحسانهم من إحسانه إليهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>