للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسلطانهم من أياديه عليهم. يريد: أن كافور رئيس الرؤساء، والمقدم على من رآه من الأمراء.

فَتًى ما سَرَيْنا في ظُهورِ جُدودِنا ... إلى عصرهِ إِلاَّ نُرَجّي التَّلاقِيَا

تَرَفَّعَ عَنْ عَونِ المَكارِم قَدْرُهُ ... فما يَفْعَلُ الفَعْلاتِ إِلاَّ عذَاريَا

يُبِيْدُ عَدَاواتِ البُغَاة بِلُطْفِهِ ... فإِنْ لم تَبِدْ مِنْهُمْ لأَبَادَ الأَعَادِيَا

السرى: وأصلة السير في الليل والنهار، والعون: جمع عوان، وهي المرأة ذات الزوج، والعذراء من النساء: البكر، ويجمع على عذارى وعذار، مثل صحارى وصحار، وقصد أبو الطيب لغة من نون، ورد الياء المحذوفة من عذار؛ لوقوع الاسم غي موضع النصب، وخفة الفتح في الكلام، ثم أشبع الفتحة للقافية وسقط التنوين لاجتلاب الياء التي كان عوضا منها.

فيقول: إن كافورا الملك الذي أمله الناس بفطرتهم، ورجوه بما ركبه الله في جبلتهم، وكأنهم إنما انتقلوه في ظهور أجدادهم، يتسابقون إلى إدراك عصره، ويرجون أن يسعدهم الله بمشاهدة فضله.

ثم قال: ترفع عما سبق إليه من المكارم، وما تمكن مشاركته فيه من فضائل، ففعل من الجميل ما لم يفعل مثله، وأظهر من الكرم ما لم يعهد قبله، فصارت أياديه كالعذارى، لم تكن قبل مدته، ولا عهدت متقدمة لدولته، وأخبر عن المكارم بالعون والعذارى على سبيل الاستعارة.

ثم قال: يبيد عداوات البغاة، ويقطعها بإحسانه إليهم، وتألفه لجميعهم، فإن لم ينجع فيهم طبه، ولم يصرفهم إلى الانقياد لطاعته لطفه، حلوا محل الأعداء، فأبادتهم سطوته، وأصارتهم إلى التلف عقوبته.

أَبا المِسْكِ ذَا الوَجْهِ الَّذِي كُنْتُ تائِقاً ... إِليهِ وَذَا الوقتُ الذي كُنْتُ راجِيا

لاقِيْتُ المَرَوْى والشَّنَاحِيْبَ دُونَهُ ... وَجُبْتُ هَجِيْراً يَتْرُكُ الماَء صَادِيا

<<  <  ج: ص:  >  >>