للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقول لكافور: وقدت إلى تلك الوقائع كل فرس كريم في خلقه، سريع في جريه، يبلغك غضبان عندما تستفتحه من حربك، ويصرفك راضيا لما يكتفل الله به من نصرك.

ثم قال: وقدت إليها كل سيف ماض في فعله، حسام في قطعه، يطيعك آمرا بنفاذه حين تعمله، ويعصيك مستثنيا بنهيك إياه حين تمسكه، يريد: إنه لا مثنوية لضربته، ولا صارف لنفاذه وحدته، وأخبر عن السبب وهو يريد صاحبه، مقيما للمضاف إليه مقام المضاف.

ثم قال: وقدت إلى تلك الوقائع كل رمح يابس طويل، ترضاه واردا على أعدائك عند المطاعنة به، ويرضاك مقتحما على الفرسان عند سقيك في الدماء له، وأخبر عن الرمح وهو يريد حامله على نحو ما قدمه، وجعل المخاطبة لكافور والإخبار عن كتائبه، والإشارة إليه، والقصد إلى عساكره، واختصر ثقة بفهم من أخبره، وحذف معولا على بيان ما ذكره.

كَتَائِبُ ما انْفَكَّتْ تَجُوسُ عَمائِراً ... مِنَ الأرْضِ قَدْ جَاسَتْ إليها فَيَافِيا

غَزَوْتَ بِها دُورَ المُلُوكِ فَبَاشَرَتْ ... سَنَابِكُهَا هَامَاتِهِمْ والمَغَانِيَا

الكتائب: الجماعات من الخيل، واحدتها كتيبة، والجوس: التردد في الماكن، والعمائر: البلاد المعمورة، والواحدة عمارة، والفيافي: الفلوات المقفرة، والهام: الرؤوس، والسنابك: مقادم حوافر الخيل والمغاني: مواضع الحلول، واحدها مغنى.

فيقول مؤكدا لبيان ما قدمه، من ذكر الجيوش التي قادها كافور إلى أعاديه: كتائب لا تزال تقطع البلاد سائرة، وتخترقها غازية، معتمدة لعمارات من الأرض تطؤها، ولوسائط من البلاد تجوسها وتملكها.

ثم قال، غزوت بتلك الكتائب الملوك المخالفين، يريد: المعترضين لحربك، فباشرت سنابك خيلك هاماتهم بعد قتلك لهم، ووطئت مغاني آثارهم بعد إيقاعك

<<  <  ج: ص:  >  >>