للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مؤملة، وأمنية منتظرة، ويأتيك فيعلم أنه قد تمكن في السعد، وبلغ في نفسه غاية الجهد.

ثم قال: وإن نلت منك ما أملت، وأدركت ما حاولت، فكثيرا ما شربت بالمياه التي يعجز الطير ورودها، ولا تدركها بغاية جهدها. يريد أنه إذ ظفر من كافور ببغيته، فليس بستغرب ذلك مع نفاذه وقوته.

وَوَعْدُكَ فِعْلٌ قَبْلَ وَعْدٍ لأَنَّهُ ... نَظِيرُ فَعَالِ الصَّادِقِ القَوْلِ وَعْدُهُ

فَكُنْ في اصْطِنَاعِي مُحْسِناً كَمُجَرَّبٍ ... يَبينْ لَكَ تَقْرِيبُ الجَوَادِ وَشَدُّهُ

إِذا كُنْتَ في شَكًّ مِن السَّيْفِ فابْلُهُ ... فَإِمَّا تُنَفَّيِه وإِمَّا تُعِدُّهُ

وما الصَّارِمُ الهِنْدِيَّ إِلاَّ كَغَيْرِهِ ... إِذا لَمْ يَفَارقْهُ النَّجادُ وغِمْدُهُ

التقريب: ضرب من الجري لا يستفرغ الجهد، وشد الفرس: استيفاء غاية الجري، وبلوت الشيء: إذا اختبرته، وتنفيته: إذا طرحته، والصارم: السيف القاطع، والنجاد: محملة.

فيقول لكافور: ووعدك أيها الرئيس يسابقه فعلك، ويتقدمه نجازك، وكذلك وعد من صدق قوله، وتيقن فضله، يقترن فعله به، ولا يتأخر إنجازه له.

ثم قال يخاطبه: فكن في اصطناعك لي، وما تصنعه من الجميل في، محسنا كمجرب، ومفضلا كمختبر، يتبين لك عفو شكري وجهده، وتقريب امتداحي وشده. وكنى بالجواد عن نفسه، وضرب بحاليه مثلا من جريه.

ثم قال: إذا كنت في شك من السيف وفعله، وصرامته في قطعه، فاختبره بتجربتك، واحمله على محنتك، فإما تنفيه وتطرحه؛ لنبو حده، وإما تعده وتعجب به، لما تشتهده من فعله.

ثم قال: وما السيف الهندي الصارم، والحسام النافذ القاطع، إلا كغيره من متأخر السيوف، إذا لم يفارق السيف غمده، ويشهد بصرامته فعله، لأن صور السيوف

<<  <  ج: ص:  >  >>