حصين بن ضمضم أخوه في الصلح، فحلف لا يغسل رأسه حتى يقتل ورد بن حابس أو رجلا من بني عبس ثم من بني غالب، ولم يُطلع على ذلك أحدا، وقد حمل الحمالة الحارث بن عوف بن أبي حارثة، وهرم بن سنان بن أبي حارثة، فأقبل رجل من بني عبس ثم أحد بني مخزوم حتى نزل بحُصين بن ضمضم، فقال: ممن أنت أيها الرجل؟ قال: عبسي، قال: من أي عبس؟ فلم يزل ينتسب حتى انتسب إلى غالب، فقتله حُصين، فبلغ ذلك الحارث بن عوف، وهرم بن سنان، فاشتد ذلك عليهما، وبلغ بني عبس فركبوا نحو الحارث، فلما بلغ الحارث ركوب بني عبس وما قد اشتد عليهم من قتل صاحبهم، وإنما أرادت بنو عبس أن يقتلوا الحارث، بعث إليهم بمائة من الإبل معها ابنه، وقال للرسول: قل لهم: اللبن أحب إليكم أم أنفسكم. وأقبل الرسول حتى قال لهم ما قال، فقال الربيع بن زياد: أن أخاكم قد أرسل إليكم: الإبل أحب إليكم أم ابنه تقتلونه؟ فقالوا ظك بل نأخذ الإبل، ونصالح قومنا، ويتم الصلح، فقال زهير يمدح الحارث بن عوف وهرم بن سنان:
(أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لم تَكَلَّمِ ... بِحَوْمَانَةِ الدَّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ)
التقدير أمن دمن أم أوفى دمنة، لأن من هاهنا للتبعيض، فأخرج الدمنة من الدمن (لم تكلم) أي لم تبين، والعرب تقول لكل ما بين من أثر وغيره (تكلم) أي ميز،
فصار بمنزلة المتكلم، وروى أن بعض المتقدمين وقف على معاهد فقال: أين من شق أنهارك، وغرس أشجارك، وجنى ثمارك؟ ثم قال: