وصلت إليها وتمتعت منها، أي جعلتها لي بمنزلة المتاع غير مُعجل: غير خائف، أي لم يكن ذلك مما كنت أفعله مرة أو مرتين.
(تَجَاوَزْتُ أَحْرَاساً إليها وَمَعْشَراً ... عَلَىَّ حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّونَ مَقْتَلِي)
أحراساً: جمع حرس ويروى (تخطيت أبوابا إليها) و (أهوالا إليها) ومعشرا: يريد قومها، ويروى (يسرون) بالسين غير معجمة، و (يشرون) بالشين معجمة، فمن رواه بالسين غير معجمة احتمل أن يكون معناه يكتمون، ويحتمل أن يكون معناه يظهرون، وهو من الأضداد، وقيل في قوله تعالى:(وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ): أن معناه اظهروا، وقيل: كتموها ممن أمروه بالكفر، وأما بالكفر، وأما (يشرون) فمعناه يظهرون لا غير، يقال: أشررت الثوب؛ إذا نشرته. ومعنى البيت: أني تجاوزت الأحراس وغيرهم حتى وصلت إليها، وهم يهمون بقتلي، ويفزعون من ذلك، لنباهتي وموضعي من قومي، وقوله:(لو يسرون مقتلي) يريد أن يسروا.
وأن تضارع لو في هذا الموضع، يقال: وددت أن يقوم عبد الله، وددت لو قام
عبد الله، إلا أن (لو) يُرفع المستقبل بعدها، وأن تنصب الفعل المستقبل، قال الله تعالى:(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أن تَكُونَ لَهُ جَنَّة مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ) فجاء بأن، وقال في موضع آخر:(وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) والمعنى ودوا أن تدهن فيدهنوا، والى تتعلق بتجاوزت، وعليَّ بحراصٍ، ومقتلي: منصوب بيشرون.