وكان من حديثه أن عمرو بن هند لما ملك - وكان جبارا عظيم السلطان - جمع بكرا وتغلب فأصلح بينهم، وأخذ من الحيين رهنا، من كل حي مائة غلام، فكف بعضهم عن بعض.
وكان أولئك الرهن يكونون معه في مسيره ويغزون معه، فأصابتهم سموم في بعض مسيرهم، فهلك عامة التغلبيين، وسلم البكريون، فقالت تغلب لبكر بن وائل: أعطونا ديات أبنائنا فإن ذلك لازم لكم، فأبت ذلك بكر.
فاجتمعت تغلب إلى عمرو بن كلثوم، فقال عمرو بن كلثوم لتغلب: بمن ترون بكرا تعصب أمرها اليوم؟ قالوا: بمن عسى إلا برجل من أولاد ثعلبة، قال عمرو: أرى الأمر والله سينجلي عن أحمر أصلع أصم من بني يشكر. فجاءت بكر بالنعمان بن هرم أحد بني ثعلبة بن غنم بن يشكر، وجاءت تغلب بعمرو بن كلثوم.
فلما اجتمعوا عند الملك قال عمرو بن كلثوم للنعمان بن هرم: يا أصم، جاءت بك أولاد ثعلبة تناضل عنهم وهم يفخرون عليك، فقال النعمان: وعلى من أظلت السماء يفخرون، قال عمرو بن كلثوم: والله أن لو لطمتك لطمة ما أخذوا لك بها،