للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقوله: (من خلفهن طراق) أي طُورقت مرة بعد مرة، وقد قيل: الطراق الغبار هاهنا، و (ساقطات) قد سقطت من أرجلها، و (تلوى بها الصحراء) أي تذهب بها وتُفرقها، وقوله (من خلفهن) قيل في الضمير قولان، أحدهما: إنه يعود على الإبل، والآخر إنه يعود على الطِّراق، فمن قال إنه يعود على الإبل فقوله (طراق) مرفوع بمعنى هو طراق، وقال النحاس: ولا يجوز على خلاف هذا عندي؛ لأنه مثل قولك: مررت برجل من خلف دار عمرو وزيد، فلا يجوز أن تكون الجملة من نعت رجل؛ لأنه لم يعد عليه منها شيء، وكذلك قوله (وطراقا من خلفهن طراق) أن قدرته في موضع نعت لم يجز؛ لأنه لم يعُد على طراق شيء، ويجوز (طراقا من خلفهن طراقا ساقطات) على أن تُبدل الطراق الثاني من الأول، ويكون قوله ساقطات في موضع نصب على إنه نعت لطراق الثاني؛ لأن المصدر يؤدي عن الواحد والجمع، والأجود على إنه نعت لطراق الثاني؛ لأن المصدر يؤدي عن الواحد والجمع، والأجود أن يكون الضمير يعود على طراق الأول، أو يكون جمع طراقة كما أجاز بعض النحويين (سيرَ بزيدٍ سيرٌ) على أن يكون سير جمع سيرة، وقيل في قوله عز وجل: (إِنْ نَظنُّ إِلاّ ظنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيِقِنِينَ): أن ظنا هنا جمع ظنة، وقيل: المعنى أن نظن أيها الدُّعاة إلا أنكم تظنون ظنا وما نحن بمستيقنين أنكم على يقين، وقيل: أن إلا في غير موضعها، وإن المعنى أن نحن ألا نظن ظنا، كما قال أبو العباس، وهذا مثل قولهم (ليس الطيب إلا المسك) والمعنى ليس إلا الطيب المسك، ومن قال أن ظنا جمع ظنة قال في طراق إنه جمع طراقة، فيكون الضمير يعود عليه، ويكون المعنى وطراقا من خلف الطراق طراق، وطرافا: منصوب لأنه معطوف على (منينا).

(أَتَلهَّى بِهَا الهَوَاجِرَ إِذْ كُلُّ ... ابْنِ هَمٍّ بَلِيَّةٌ عَمْيَاء)

<<  <   >  >>