ولم يعتب على داود، بل مدح كليهما بقوله تعالى:{وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}
وأما الصحابة فاختلافهم في صلاة العصر اجتهادا حين قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة» فأدركهم قرب فوات العصر قبل وصولهم، فقال قوم النبي - صلى الله عليه وسلم - حسب أنا نصل بني قريظة قبل الفوات ولم يرد منا فوات العصر وصلى في الطريق، وقال قوم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن لا نصلي إلا في بني قريظة ففوت. فلما علم بحالهم لم يعتب على هؤلاء ولا على هؤلاء. وكذلك خلافهم في أشجار بني النضير حين حصارهم: قطع بعض الصحابة وترك بعضهم، ولم يعتب الله سبحانه وتعالى ولا الرسول على هؤلاء ولا على هؤلاء. بل قال:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} وإذا جاز مثل ذلك للأنبياء والصحابة فلا لوم على العلماء.
ومنها إعابتهم على أئمة المذاهب بقول شاعرهم:
إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهبا ... وتعلم أن الناس في نقل أخبار