للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين يدي ربه ويشفع: (فيحد لي حداً فأدخلهم الجنة) فشفاعته في حد محدود يحدهم الله سبحانه له ولا تجاوزهم شفاعته.

فمن اين يقال أن الولد يشفع لوالده فإذا لم يعق عنه حبس عنه الشفاعة له ولا يقال لمن يشفع لغيره أنه مرتهن ولا في اللفظ ما يدل على ذلك والله سبحانه وتعالى يخبر عن ارتهان العبد بكسبه كما قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) وقال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا) فالمرتهن هو المحبوس إما بفعل منه أو فعل من غيره، وأما من لم يشفع لغيره فلا يقال له مرتهن على الإطلاق، بل المرتهن هو المحبوس عن أمر كان بصدد نيله وحصوله ولا يلزم من ذلك أن يكون بسبب منه بل تحصيل ذلك تارة بفعله وتارة بفعل غيره.

وقد جعل الله سبحانه النسيكة عن الولد سبباً لفك رهانه من الشيطان الذي يعلق به من حين خروجه إلى الدنيا وطعن في خاصرته فكانت العقيقة فداء وتخلصاً له من حبس الشيطان له وسجنه في أسره ومنعه له من سعيه في مصالح آخرته التي إليها معاده فكأنه محبوس لذبح الشيطان له بالسكين التي أعدها لأتباعه وأوليائه وأقسم لربه أنه ليستأصلن ذرية آدم إلا قليلاً منهم فهو بالمرصاد للمولود من حين يخرج إلى الدنيا فحين يخرج يبتدره عدوه ويضمه إليه ويحرص على أن يجعله في قبضته وتحت اسره ومن جملة أوليائه وحزبه فهو أحرص شيء على هذا ... فكان المولود بصدد هذا الارتهان فشرع الله سبحانه للوالدين أن يفكا رهانه بذبح يكون فداه فإذا لم يذبح عنه بقي مرتهناً به فلهذا قال عليه الصلاة والسلام: (الغلام مرتهن بعقيقته فأريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى) فأمر بإراقة الدم عنه الذي يخلص به من الارتهان، ولو كان الارتهان يتعلق بالأبوين لقال فأريقوا عنكم الدم لتخلص إليكم شفاعة أولادكم. فلما أمرنا بإزالة الأذى الظاهر عنه وإراقة الدم الذي يزيل الأذى

<<  <   >  >>