للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهما عالمان، العالم العلوي وهو من دورة الفلك الأعلى المحيط المسمى بالفلك الأطلس إلى مقعر فلك القمر، والعالم السفلي وهو من فلك النار المتصل بمقعر فلك القمر إلى مركز الأرض، وهذا العالم السفلي يسمى عندهم عالم الكون والفساد وهو أربعة أجرام يسمى الأركان والأستقصات والعناصر أعلاها النار ثم الهواء ثم الماء ثم الأرض وحركتها مستقيمة من الوسط وإلى الوسط يستحيل بعضها إلى بعض على الدوام والاستمرار فمتى كيفت النار استحالت هواء ومتى كيف الهواء استحال ماء ومتى كيف الماء استحال أرضا وبالعكس متى لطفت الأرض استحالت ماء ومتى لطف الماء استحال هواء ومتى لطف الهواء استحال نارا. وجميع الكائنات في الأرض فهي متولدة من هذه الأربعة العناصر بتركيب بعضها ببعض وامتزاج بعضها في بعض بالزيادة في الطبائع والنقصان، وجملة المتولدات في الأرض من هذه العناصر يحصرها ثلاثة أجناس: جماد ونبات وحيوان فهذه جملة العالم السفلي وهو عندهم حادث مركب مستحيل كائن فاسد على الدوام، فأما العالم العلوي فإنه عندهم عبارة عن تسعة أفلاك أعلاها الفلك المحيط المسمى بالأطلس وهو فلك لا كواكب فيه ولذلك سموه أطلس ذو نفس وروح وجسم متحرك على الوسط حركة دولابية من المغرب إلى المشرق في كل يوم وليلة دورة واحدة، يليه فلك الكواكب الثابتة وفيه جميع الكواكب ما عدا السبعة السيارة، ويليه فلك زحل وليس فيه غير كوكب زحل، ويليه فلك المشتري وليس فيه غير كوكب المشتري، ويليه فلك المريخ كذلك ثم فلك الشمس ثم فلك الزهرة ثم فلك عطارد ثم فلك القمر وجميع هذه الأفلاك الثمانية تدور من المشرق إلى المغرب، والفلك الأعلى المحيط يردها قسرا ويديرها من المغرب إلى المشرق في كل يوم وليلة وكذلك ترى الشمس طالعة عليه كل يوم من المشرق،

<<  <   >  >>