للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الليل للويل أخفى ... والدمع للوجد أشفى

ما يعرف الليل إلا ... ألف يعانق ألفا

وتقول فلان أنم من الصبح وأقود من الليل ومنه أخذ ابن المعتز قوله:

لا تلق إلا بليل من تواعده ... فالشمس غامة والليل قواد

كم من محب أتى والليل يستره ... لاقى الأحبة والواشون رقاد

وقد أحسن أبو الطيب هذا المعنى وأزال عنه هجنة لفظتي نمام وقواد:

فقال

أزورهم وظلام الليل يشفع لي ... وأنثني وبياض الصبح يغري بي

فصار أحق بالمعنى ممن أخذه منه وقال العلماء فيه أخذ عباءه وأعطى ديباجة اجتمع بغرناطة محمد بن غالب الرصافي الشاعر ومحمد بن عبد الرحمن الكندي الشاعر وغيرهما من الفضلاء الرؤساء فأخذوا أن يخرجوا إلى نجد وحور المؤمل وهما من أشرف متنزهات غرناطة وكان الرصافي قد أظهر الزهد وترك الخلاعة فقالوا: ما لنا غنى عن أبي جعفر بن سعيد، فكتبوا إليه:

بعثنا إلى رب السماحة والمجد ... ومن ما له في ملة الظرف من ند

ليعدنا عند الصبيحة من غد ... بسعي إلى حور المؤمل أو نجد

لتشرح منا أنفس من شجونها ... ثوت في سجون هن شر من اللحد

ونظفر من بخل الزمان بساعة ... ألذ من العليا وأشهى من الحمد

على جدول ما بين الفاف دوحة ... يهز الصبا فيها بنودا من الرند

ومن كان ذا شرب يخلى لشأنه ... ومن كان ذا زهد تركناه للزهد

وما طرفه يأبى الحديث على الطلا ... ولا أن يديل الهزل حينا من الجد

وما نغص العيش المهنا غير أن ... يمازحه تكليف ما ليس بالود

<<  <   >  >>