الأسود من الفجر وهو الذي بسببه تجب الأعمال فقد أختلف فيه ووقع العمل على أنه الفجر المعترض الآخذ في الأفق يمنة ويسرة فبطلوع لأوله في الأفق يجب الإمساك عن الأكل للصيام لما خرجه مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال:(ليس الفجر الذي يقول هكذا) وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض (ولكن الذي يقول هكذا) ووضع المسبحة على المسبحة ومد يديه، وروى عن ابن عباس غيره أن الإمساك يجب بتبين الفجر في الطريق وعلى رؤوس الجبال وعن علي عليه السلام أنه صلى بالناس الصبح وقال: الآن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وإنما قادهم إلى هذا القول أنهم يرون أن الصوم إنما هو في النهار والنهار عندهم من طلوع الشمس لأن أخره غروبها فكذلك أوله طلوعها وذكر عن الخليل بن أحمد أن النهار من طلوع الفجر واستدل بقوله وأقم الصلاة طرفي النهار وهذا من أهل اللغة موافق الحديث ومن أكل وهو يشك في طلوع الفجر فعليه عند مالك القضاء. ومما نقل من كتاب
ديوان المعاني للعسكري من أجود ما قيل في الصباح قال الأصمعي: نزلت بقوم من غنى قد جاوروا قبائل العرب من بني صعصعة فحضرت ناديهم وشيخ طويل الصمت عالم بالشعر يأتونه الناس من كل ناحية ينشدونه أشعارهم فإذا سمع الشعر الجيد قرع الأرض بلحجته فينفذ حكمه على من حضر منهم بشاة إن كان ذا غنم أو ابن مخاض إن كان ذا إيل فتذبح أو تنحر لأهل النادي قال فحضرته يوما وأنشده بعضهم يصف ليلا:
كأن سميط الصبح في أخرياته ... ملاء ينفى من طيالسة خضر
تخال بقائاه التي سار الدجى ... قد وشيعا فوق أردية الفجر
فقام الشيخ كالمجنون مصلتا سيفه حتى خالط البرك فجعل يضرب يمينا وشمالا ويقول: