للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاثة فلم (١) يفرّ فإن فرّ من اثنين فقد فرّ (٢).

قال أبو عبيد: معنى هذا الحديث تأويل هذه الآية، ثم زاد الله الجهاد بعد هذا كله تغليظا وتوكيدا بأن قطع الموادعات التي كانت بين رسول الله- صلى الله عليه- وبين من عاهد من المشركين، فأمره أن يؤذنهم في براءة بالحرب بعد انقضاء المدة التي وقتها لهم وهي الأربعة الأشهر.

٣٦١ - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (٣) عن ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (٤) قال: نسختها قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ إلى قوله: وَهُمْ صاغِرُونَ (٥).


(١) هكذا في المخطوط (فلم) ولعل الصواب «لم».
(٢) روى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى ج ٩، كتاب السّير «باب تحريم الفرار من الزحف وصبر الواحد مع الاثنين» ص ٧٦.
(٣) هو حجاج المصيصي.
(٤) سورة الأنفال آية ٦١.
(٥) رواه البيهقي فى السنن الكبرى ج ٩، كتاب السّير «باب ما جاء في نسخ العفو عن المشركين ونسخ النهي عن القتال» ص ١١.
قال أبو جعفر الطبري بعد إيراده للروايات القائلة بنسخ آية: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ والمروية عن قتادة وعكرمة والحسن وابن زيد: فأما ما قاله قتادة ومن قال مثل قوله من أن هذه الآية منسوخة فقول لا دلالة عليه من كتاب ولا سنة ولا فطرة عقل، وقد دللنا في غير موضع من كتابنا هذا وغيره على أن الناسخ لا يكون إلا ما نفى حكم المنسوخ من كل وجه، فأما ما كان بخلاف ذلك فغير كائن ناسخا وقول الله في براءة: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ غير ناف حكمه حكم قوله وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لأن قوله وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ إنما عني به بنو قريظة وكانوا يهودا أهل كتاب وقد أذن الله جل ثناؤه للمؤمنين بصلح أهل الكتاب ومتاركتهم الحرب على أخذ الجزية منهم، وأما قوله فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ فإنما عني به مشركو العرب من عبدة الأوثان الذين لا يجوز قبول الجزية منهم فليس فى إحدى الآيتين نفي حكم الأخرى بل كل واحدة منهما محكمة فيما أنزلت فيه. أ. هـ.
(جامع البيان ١٤/ ٤٢ - ٤٣ تحقيق محمود شاكر).