كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحب أن يسمع القرآن من غيره، وأمر عبد الله بن مسعود فقرأ عليه وهو يسمع، وخشع صلّى الله عليه وسلم لسماع القرآن منه حتى ذرفت عيناه صلّى الله عليه وسلم.
فعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال:«قال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلم «اقرأ علىّ القرآن». فقلت يا رسول الله: أقرأ عليك، وعليك أنزل؟ قال:«إنى أحب أن أسمعه من غيرى». فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا جئت إلى هذه الآية «فكيف إذا جئنا من كلّ أمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا» قال: «حسبك الآن. فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان»(١).
وطلب استماع القراءة من القارئ حسن الصوت الذى يجيد التلاوة ويفصّلها أمر متفق على استحبابه، وهو عادة الأخيار، والصالحين من سلف هذه الأمة.
فللتلاوة الجيدة أكبر الأثر فى فهم معانى القرآن لكن لا بد من تقييد ذلك بهدى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عند الاستماع من الإنصات لتلقى الموحيات المؤثرة فى القرآن الكريم والاستجابة لها ثم التدبر الذى يزيل الغشاوة، ويفتح النوافذ ويسكب النور، ويحرك المشاعر ويطمئن القلوب. أما ما يفعله بعض الناس عند سماعهم للقرآن من رفع الأصوات وقولهم (الله) أو ما شابه ذلك مما هو معلوم فهو بدعة منكرة ومصرفة عن فهم وتدبر القرآن الكريم.
ولمّا كان القرآن الكريم هو الذكر الإلهى، الذى تحيا به قلوب المؤمنين. فتتفتح
(١) فتح البارى بشرح صحيح البخارى (ج ٩ ص ٩٤)، صحيح مسلم بشرح النووى (ج ٦ ص ٨٧).