للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأجبر الفرنسيون السكان في أفريقيا الاستوائية على زراعة القطن عام ١٩٥٥م، ثم باعوه لأربع شركات استعمارية بما ثمنه ٧٢ - ٦٠ فرنكاً للكيلو، فيما باعه المستعمرون بسعر ٢٤٥ - ٢٨٥ فرنكاً في مرفأ التصدير.

وقد كان كيلو القطن المستورد في فرنسا يماثل - في مراكش - أربعة مرات كيلو القطن المصدر، وذلك في عام ١٩٣٨م، ثم ارتفع إلى ست مرات في عام ١٩٤٩م ومثله يقال في القطن التونسي.

وفي نيجيريا يباع الخشب أكثر من سعره بـ ٣٠ - ٤٠ %، وباعت بلجيكا كيلو زيت النخل في مستعمراتها بـ ١١٠ فرنكاً بدلاً من ٧٥ فرنكا. (١)

وتعترف إحدى مجلات الاستعمار بهذا الاستغلال فتقول: " المستهلكون في البلاد المستعمرة كانوا يتلقون عام ١٩٥٣م ما يبلغ ٨٠% من مستورداتهم بأسعار أكثر أرتفاعاً بـ ٢٠ - ٥٠% وأحياناً أكثر أيضاً من الأسعار التي كانوا يحصلون عليها لو أتيح لهم أن يستوردوا بضائهم من بلد آخر غير فرنسا. (٢)

وفي مظهر آخر للاستعمار وظف المستعمر أبناء جلدته في مؤسسات الدول المستعمرَة، وأبعد أهل البلاد الأصليين، ومن ذلك أن فرنسا وظفت في الجزائر في الدوائر العقارية ٢٠٠ موظف منهم ثمانية فقط من الجزائريين، فيما لم يبلغ عدد المغاربة في وزارة الشئون الإجتماعية في المغرب سوى أربعة من الحُجَّاب فيما قارب الفرنسيون المائتين والخمسين. (٣)

وأجبر السكان الأصليون تحت مظلة المستعمر على العمل بأبخس الأجور، ففي حين كانت الأسعار في الجزائر مقاربة للأسعار في فرنسا كان العامل الجزائري يحصل على ٤٠ - ٧٠ فرنكاً لقاء عمله اليومي، في حين أن العامل الفرنسي يحصل على أكثر من ضعف المبلغ في فرنسا، وقد كان سعر كيلو الخبز يومذاك في الجزائر ٤٨ فرنكاً وكيلو السكر ٩٤، واللبن ٢٥ فرنكاً فيما كان اللحم الردئ يباع الكيلو منه بـ ٤٠٠ - ٥٠٠ فرنك فرنسي.

وكتب النائب الأسقفي في داكار عاصمة السنغال يشكو الظلم الذي يقع على العمال الذين يسميهم بالمؤقتين والذين يحصلون على أجر شهري يتراوح بين ٨٠٠ - ١٢٠٠ فرنكاً


(١) انظر: الاستعمار الفرنسي في المغرب العربي، هنري كلود، وآخرون، ص (٣٤، ١٣٥ - ١٣٨).
(٢) انظر المصدر السابق، ص (١٧ - ١٩).
(٣) انظر: التبشير والاستشراق، محمد عزت الطهطاوي، ص (٩٠).

<<  <   >  >>