للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتقوى، فلا يستنكف عن ممازحة هؤلاء، بل لعلهم أحق به لضعفهم وإعراض الناس عنهم.

والقصة يحكيها أنس بن مالك، فيذكر أن زاهراً من أهل البادية، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحبه، وكان رجلاً دميماً، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه، وزاهر لا يبصره، فقال الرجل: أرسلني. من هذا؟

فالتفت، فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل لا يألوا ما ألصق ظهره بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين عرفه، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ممازحاً: «من يشتري العبد؟» فقال: يا رسول الله: إذاً والله تجدني كاسداً. فقال - صلى الله عليه وسلم -: «لكن عند الله لست بكاسد» أو قال: «لكن عند الله أنت غالٍ» (١).

ومن مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه أنه كان يقول لهم: «ارموا، من بلغ العدو بسهم رفعه الله به درجة» [أي في الجنة] فسأله أحد أصحابه: يا رسول الله وما الدرجة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - له مداعباً: «أما إنها ليست بعتَبة أمك، ولكن ما بين الدرجتين مائة عام» (٢).


(١) أخرجه أحمد ح (١٢١٨٧).
(٢) أخرجه النسائي ح (٣١٤٤)، وأحمد ح (١٧٣٦٩)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح (١٢٨٧).

<<  <   >  >>