للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن أهم ما يمزح لأجله العقلاء؛ التربية والتنبيه على الخطأ بعيداً عن أساليب الجفاء والغلظة والمواجهة بالخطأ، وهذا ما صنعه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع خوات بن جبير الأنصاري حين رآه جالساً إلى نسوة بطريق مكة فقال له: «يا أبا عبد الله مالك مع النسوة؟»، فتلعثم خوات، وبدلاً من أن يقر بخطئه ويستغفر قال: يفتلن ضفيراً لجمل لي شرود.

فمضى رسول الله لحاجته، ثم عاد فلقي خوات فقال له: «يا أبا عبد الله، أما ترك ذلك الجمل الشِّراد بعد؟».

قال خوات: فاستحيت وسكت، فكنت بعد ذلك أتفرر منه؛ حتى قدمت المدينة، فرآني في المسجد يوماً أصلي، فجلس إلي، فطوَّلتُ في صلاتي فقال: «لا تطوِّل، فإني أنتظرُك»، فلما سلمت، قال: «يا أبا عبد الله، أما ترك ذلك الجمل الشِّرادَ بعد؟».

فسكتُّ واستحيت فقام، وكنت بعد ذلك أتفرر منه، حتى لحقني يوماً، فقال: «يا أبا عبد الله، أما ترك ذلك الجمل الشِّرادَ بعد؟».

وهنا آتى المزاح ثماره في التنبيه على الخطأ والإرشاد؛ فقال خوات معترفاً بالحقيقة: والذي بعثك بالحق ما شرد منذ

<<  <   >  >>