للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على إرساء قيم الإسلام العظيمة في المجتمع المسلم، وفق مبدأ التفاضل بالتقوى فإنه حرص على تخليصه من قيمة جاهلية، وهي التفاخر والتشريف بالحسب أو النسب أو المال أو اللون، فالناس عند الله سواء، لا فرق بين أبيضهم وأسودِهم، ولا بين غنيهم وفقيرِهم «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» (١).

وخلال سني دعوته - صلى الله عليه وسلم - أرى الصحابة نماذج عملية في تفضيل بعض فقراء المسلمين وضعفائهم على غيرهم من أهل الجاه والمنزلة؛ لسابقتهم في الإسلام والعمل الصالح، ومن ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - دفن شهداء أُحد أزواجاً، فكان إذا أوتي باثنين منهم سأل، ولعله يعلم جواب سؤاله: «أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟»، فإن أشير إلى أحدهما، قدمه في اللحد (٢). تقديماً لمن قدمه الله تعالى.

والتفضيلُ لأهل القرآن ليس خاصاً بالأموات في قبورهم، بل هو تفضيل يرفعهم في الدنيا قبل الآخرة، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقدم أهل القرآن في الإمارة على غيرهم، كما أمَّر قارئ القرآن ابن


(١) أخرجه مسلم ح (٢٥٦٤).
(٢) أخرجه البخاري ح (١٣٤٣).

<<  <   >  >>