للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أم مكتوم الضرير على المدينة في بعض أسفاره، كيف لا وهو - صلى الله عليه وسلم - القائل: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (١).

ولو أصخنا السمع إلى أبي هريرة - رضي الله عنه - لسمعناه يقص علينا نموذجاً آخر من تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه على التحاكم إلى ميزان الخيرية والتقوى، فقد بعث سرية من السرايا، فاستقرأ كل رجل منهم ما معه من القرآن، فأتى على شاب من أحدثهم سناً فسأله: «ما معك يا فلان؟» فأجاب الشاب: معي كذا وكذا وسورةُ البقرة. فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أمعك سورة البقرة؟» قال: نعم، قال: «فاذهب فأنت أميرهم» (٢)، فلم يتأخر به سنه، كيف وقد قدمه الله بما آتاه من قرآنه.

والقارئ في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - تستوقفه قصة عجيبة، فقد مر أبو سفيان سيد قريش قبيل إسلامه على سلمانَ وصهيبٍ وبلالٍ في نفر، فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها.

فسمع أبو بكر الصديق مقالتهم، فرفق بسيد العرب وكبير قريش، فقال معاتباً: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدِهم؟


(١) أخرجه البخاري ح (٥٠٢٧).
(٢) أخرجه الترمذي ح (٢٨٧٦).

<<  <   >  >>