للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول ابن عباس وهو يصور حال هذا الزوج المحب لزوجته السابقة: كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي، ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للعباس: «يا عباسُ ألا تعجب من حب مغيثٍ بريرةَ، ومن بغضِ بريرةَ مغيثاً؟!».

ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفِق بهذا المحب؛ فذهب إلى بريرة يشفع لزوجها عندها، لعلها ترجعُ إليه، فقال لها: «لو راجعتِه» فقالت بريرة: يا رسول الله تأمرني؟ فأجابها - صلى الله عليه وسلم -: «إنما أنا أشفع». فقالت: لا حاجة لي فيه (١).

ويعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ممارسة الشفاعة والتوسط للناس في قضاء الحوائج بطريقة عملية، كان إذا جاءه السائل أو طُلبت إليه حاجة يقول: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما شاء» (٢)، وفي رواية: «إنَّ الرجل ليسألني الشيء، فأمنعُه حتى تشفعوا فيه؛ فتُؤجروا» (٣).

قال ابن بطال: "الشفاعة في الصدقة وسائر أفعال البر، مرغَّب فيها، مندوب إليها، ألا ترى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «اشفعوا


(١) أخرجه البخاري ح (٥٢٨٣).
(٢) أخرجه البخاري ح (١٤٣٢)، ومسلم ح (٢٦٢٧).
(٣) أخرجه النسائي ح (٢٥٥٧)، وأبو داود ح (٥١٣٢).

<<  <   >  >>