للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخير، فمثل هذا من المعروف، وينبغي أن يكون قربة وعملاً خالصاً لوجه الله مجرداً من طمع الدنيا؛ لذلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يحذر الشافع وصاحب المعروف من أخذ شيء من الأجرة عليه في الدنيا، فيقول: «من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها؛ فقبلها، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا» (١)، وذلك "لأن الشفاعة الحسنة مندوب إليها، وقد تكون واجبة، فأخذ الهدية عليها يضيع أجرها، كما أن الربا يضيع الحلال " (٢).

وأيضاً فإن من الهدايا التي ترد ولا تقبل، الهدايا التي يحرم الانتفاع بها، كأن تهدى لرجل ساعةً ذهبية أو ثوبَ حرير أو كأسَ خمر وأمثال ذلك، وقد صنعه النبي - صلى الله عليه وسلم - حين كان محرماً، فصاد له الصعب بن جَثامة - رضي الله عنه - حماراً وحشياً، وأهداه إليه، فرده عليه - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى ما في وجهه [أي من الحزن لرد هديته] قال - صلى الله عليه وسلم -: «أما إنا لم نرده عليك، إلا أنا حُرُم».

قال ابن حجر: "وأما حديث الصعب فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن العلة في عدم قبوله هديته لكونه كان محرِماً، والمحرم لا يأكل ما


(١) أخرجه أبو داود ح (٣٥٤١).
(٢) عون المعبود (٩/ ٣٣١).

<<  <   >  >>