للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفارقتُهم والسلامة من ظلمهم ومن الوقوف بين يدي الله يوم الحساب للقصاص لهم.

وما فتئ النبي - صلى الله عليه وسلم - يزجر الذين يقسون على خدمهم، ومن ذلك أن عميراً مولى آبي اللحم قال: أمرني مولاي أن أجفف لحماً، فجاءني مسكين، فأطعمته منه، فعلم بذلك مولاي فضربني، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فدعاه فقال: «لم ضربتَه؟» فقال: يعطي طعامي بغير أن آمرَه. فقال - صلى الله عليه وسلم -: «الأجر بينكما» (١) فأرشده النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الخير الذي ساقه إليه غلامُه، فحق هذا الغلام عليه الشكر؛ لا الزجر والضرب.

وحتى اليوم الأخير من حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخل من وصاته - صلى الله عليه وسلم - بالمستضعفين والمساكين؛ رغم ضعف جسده ووهنه وألام النزع، يقول أنس بن مالك: كانت عامة وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حضره الموت: «الصلاة وما ملكت أيمانكم» حتى جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغرغر بها صدره وما يكاد يفيض بها لسانه (٢)، فهل ترانا نقدر على تصور حال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في النزع الشديد، فلا يمنعه ذلك من الوصاة بكل ضعيف مستضعف،


(١) أخرجه مسلم ح (١٠٢٥).
(٢) أخرجه ابن ماجه ح (٢٦٩٧)، وأحمد ح (١١٧٥٩)، واللفظ له.

<<  <   >  >>