وفي يوم بدر، وبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يعدل صفوف أصحابه بقدح في يده؛ مر بسواد بن غزية وهو خارج من الصف، فطعن في بطنه بالقدح، وقال:«استو يا سواد»، فقال: يا رسول الله! أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل، فأقدني.
وهنا يقف التاريخ على أطراف قدميه ليرى فعل هذا النبي القائد، جنديُه يطالبه القود أمام شعبه ورعيته، الذين تثور في مخيلتهم مآثر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم، فهو رحمة الله لهم، استنقذهم الله به من النار، فهل يمكن بعد هذا أن يضرب - صلى الله عليه وسلم - وهو حبيب رب العالمين؟ هل سيسلم أشرف الخلق وخاتم النبيين نفسه لميزان العدل الذي ما زال يدعو إليه منذ أن بعثه الله؟
نعم، لقد كشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بطنه، وقال:«استقد».
لكن سواداً كان أعرف الناس بحق النبي - صلى الله عليه وسلم - وفضله على الناس، فأقبل على بطن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلها.
فيتساءل النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما حملك على هذا يا سواد؟» ألا تريد القود والنصف والعدل، فدونك بطني، وخذ حقك قبل الوقوف بين يدي العظيم الذي يحسب عنده الحقير والقطمير، فقال سواد: يا رسول الله، حضر ما ترى من القتال، فأردت أن