للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون آخر العهد بك: أن يمس جلدي جلدَك (١)، درس بليغ في الحب والعدل، لا يتسامى إلى عليائه إلا العظماء.

وفي موطن ثالث، وبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يمازح أسيدَ بن حضير؛ طعنه في خاصرته بعود، فقال أسيد: أصبرني. [أي أقدني من نفسك].

فما تريث النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأمر وما تلكأ، بل قال: «اصطبر» [أي استقد].

أما أسيد فقد أغراه ما يعرفه من عدل النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنصافه لطلب المزيد من النصفة، فقال: يا رسول الله، إن عليك قميصاً، وليس علي قميص؟!

فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قميصه إحقاقاً للعدل، فاحتضنه أسيد، وجعل يقبل كشحه، ويقول: إنما أردت هذا يا رسول الله (٢).

وهكذا، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرى بأساً أن يقيد من نفسه في سبيل طلب الصفح والسلامة في الآخرة، وهو الذي غفر الله


(١) أخرجه ابن إسحاق في السيرة. سيرة ابن هشام (٢/ ٢٦٦)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (٢٨٣٥).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن (٧/ ١٠٢).

<<  <   >  >>