أول الأخلاق العظيمة التي يقابل المؤمن فيها جهل الآخرين عليه وإساءتهم إلى شخصه؛ أن يلقاهم بالعفو والحلم، بدلاً من الغضب والانتقام، فإن الحلم والعفو خلقان يحبهما الله تعالى، ويحبهما رسوله المبعوث ليتمم مكارم الأخلاق.
لقد أصبح من البدهي أن يعفو المرء ويتجاوز في مقابل من يعلوه شرفاً أو مالاً أو منزلة، فيحْلُمَ عن إساءة رئيسه في العمل أو أخيه الأكبر أو غيرِهم، لكن ذلك ليس من الحِلْم، وإن كان من جميل الصفات، فالحلم أن تتجاوز وتصبر على خطأ الجميع، الصغيرِ منهم والكبير، لذا أكد النبي - صلى الله عليه وسلم - على التحلي بهذه الخصلة الجميلة تجاه أخطاء الضعفاء، كالخدم، فقد سأل رجل النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله كم أعفو عن الخادم؟ فصمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعاد الرجل السؤال، وقال: يا رسول الله كم أعفو عن الخادم؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «كل يوم سبعين مرة»(١).