لكن الله يرتفع بالمؤمن عن مرتبة العدل إلى منزلة الفضل، فأنزل:{ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم}(النور: ٢٢)، فقال أبو بكر:(بلى، والله إني أحب أن يغفر الله لي). فأعاد النفقة عليه، وقال:(والله لا أنزعها منه أبداً)(١).
ولو همست في أذن الكثيرين منا اليوم: أين موقعنا من هذه الأخلاق في التعامل مع المسيئين فإن الإجابة ستكشف بُعدَنا الكبير عن منهج النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولو سألنا واحداً من هؤلاء المتنكبين هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في العفو والصفح والإحسان إلى المسيء؛ لاعتذر بأن المعاملة الحسنة مع المخطئين تغريهم بالمزيد من الإساءة، وأنه بتجربته الواسعة اكتشف أن العنف والضرب أقدر على إصلاح العوج وتقويمه من أي وسيلة أخرى، فالضرب هو الطريق الأقرب في تقويم الاعوجاج عند الكثيرين منا، فهو ميسور يقدر عليه كل واحد منا؛ وبخاصة إذا كان المخطئ أو المقصر بحقنا أضعف منا،