والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوه عصمهم الله وخضع لهم عدوهم) (١).
ولن يفوتنا تأمل الهدي النبوي في التعامل مع إساءة كبرى تتعلق بالعِرض، وهو من أعظم ما يُغضَب له وينتقم، وذلك في قصة أبي بكر الصديق مع ابن خالته مِسطح بنِ أثاثة، فقد كان الصديق يتعهده بالنفقة والإحسان والرعاية، فلما تحدث أصحاب الإفك في ابنته عائشة كان مسطح فيمن تحدث فيها، فقال أبو بكر: والله لا أنفق على مِسطح شيئاً أبداً.
ولو قدر لأحدنا أن يمثُل في مثل هذا الموقف لأرعد وأزبد، ولسب وجدّع، ولربما قتل أو ارتكب جناية، إذ قد يعفو المرء عن كل جناية إلا فيما يخص الأعراض، فكيف يكون الحال والأمر متعلق بالطاهرة أم المؤمنين وحبيبة رسول رب العالمين.
وإذا كان الظلم من الغريب مفهوماً؛ فإنه مستنكر وقبيح من القريب، ويزيد قبحه إذا كان بحق محسن وصاحب حق، لذا فلا أرى الصديق جانب العدل حين قرر:(والله لا أنفق على مِسطح شيئاً أبداً).