للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم مالبث أن عرضت له حاجته، فتنحي وتبول في ناحية من المسجد، فثار إليه الصحابة ليقعوا به بسبب هذه الفعلة الشنيعة وهو الذي دعا عليهم قبل قليل بالحرمان من رحمة الله، ثم هو لا يدرك حرمة المساجد؟! أما يدري أن طهارة المكان شرط من شروط صحة الصلاة؟ كيف يجعل من ميدان الطهر محلاً لقضاء حاجته.

رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - هبَّة الصحابة في وجه الأعرابي، وأدرك أن مثل هذا الأعرابي جاهل بأحكام المساجد، غير قاصد هتك حرمتها، فقال: «لا تزرموه، دعوه» وذلك حتى لا يتأذى بحبس بوله وانقطاعه، وأرشدهم إلى حل بسيط تصغر بمثله كل مشكلة؛ مهما كبرت في عيون أصحابها، فقال: «هريقوا على بوله سِجلاً من ماء أو ذَنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» (١).

ثم لما أتم الرجل حاجته دعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له موجهاً وناصحاً: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن .. » (٢).


(١) أخرجه البخاري ح (٦١٢٨) ونحوه في مسلم ح (٢٨٤)، ودعاؤه بالرحمة مروي في السنن، أخرجه الترمذي ح (١٤٧)، وأبو داود ح (٣٨٠)، وأحمد ح (٧٢١٤).
(٢) أخرجه مسلم ح (٢٨٥).

<<  <   >  >>