للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك هجره للمخطئ تربية له وردعاً، فقد هجر - صلى الله عليه وسلم - كعبَ بنَ مالكٍ وصاحبيه حين تخلفوا عن غزوة تبوك.

ولندع كعبَ بنَ مالكٍ يشرح لنا بعضاً من معالم هذا الدرس النبوي البليغ.

يقول كعب: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين عن كلامنا، فاجتنبنا الناسُ، وتغيروا لنا، حتى تنكرت الأرضُ في نفسي، فما هي التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، وكنت آتي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمُ عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام عليّ أم لا، ثم أصلي قريباً منه، فأسارقه النظر، فإذا أقبلتُ على صلاتي أقبل إلي، وإذا التفتُ نحوَه أعرض عني (١).

وحين استكمل الدرسُ التربوي دورَه البالغ؛ أنزل الله توبة كعب وصاحبيه {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (التوبة: ١١٨).


(١) أخرجه البخاري ح (٤٤١٨)، ومسلم ح (٢٧٦٩).

<<  <   >  >>