ومن ذلك هجره للمخطئ تربية له وردعاً، فقد هجر - صلى الله عليه وسلم - كعبَ بنَ مالكٍ وصاحبيه حين تخلفوا عن غزوة تبوك.
ولندع كعبَ بنَ مالكٍ يشرح لنا بعضاً من معالم هذا الدرس النبوي البليغ.
يقول كعب: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين عن كلامنا، فاجتنبنا الناسُ، وتغيروا لنا، حتى تنكرت الأرضُ في نفسي، فما هي التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، وكنت آتي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمُ عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام عليّ أم لا، ثم أصلي قريباً منه، فأسارقه النظر، فإذا أقبلتُ على صلاتي أقبل إلي، وإذا التفتُ نحوَه أعرض عني (١).