للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: وحرص على قيام العلاقة بين العبد وربه على الوضوح العقلي في العقيدة والشريعة وعدم تقييده له بعد اقتناعه وإيمانه بالرهبانية فلا رهبانية في الإسلام (١) لما فيها من تقييد للعقل (٢) فضلاً عن الغرائز والحواس ولما فيها من تعطيل للطاقة والقوى البشرية والمخالفة لنظام الحياة مخالفة تقضي بالفناء على البشر فيما لو اعتنق الناس الترهب والانعزال ديناً.

رابعاً: ومن مظاهر تكريم الإسلام للعقل نعيه على المقلدين الذين لا يُعملون أذهانهم وحذر من التقليد الأعمى والتعصب الأصم لنظريات واهية وآراء زائفة ناشئة عن الخرافات والأهواء (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون) (أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا) (فلا تكُ في مريةٍ مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص) .


(١) لما روى أحمد في مسنده ٦/٢٢٦ ((....فقال يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا أفمالك فيَّ أسوة.. الحديث ولما روى الدارمي في سننه ك النكاح ب٣ من حديث سعد بن أبي وقاص قال ((... يا عثمان إني لم أؤمر بالرهبانية أرغبت عن سنتي)) وعثمان هذا هو ابن مظعون رضي الله عنه.
(٢) ولا يصح القول بأن الرهبانية تفتح آفاق العقل وتضمن له الصفاء للتفكير بل النزول إلى معترك الحياة هو الذي يزيد العقل اشتعالاً ويوري زناده ويفتح له أبواب التفكير عكس الرهبانية التي تخبو فيها نار العقل لانطواء صاحبها على نفسه واعتزاله المجتمع، فتؤدي إلى خمود الذهن وعدم الاطلاع على المعارك الضارية بين الخير والشر وبين الإيمان والكفر وعلى كيد الملحدين ومكر الماكرين والرد على ذلك والنزول إلى معتركهم وحلبتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>